بعد أن استعصت كوبا أمريكا على الأرجنتينيين طيلة 18 عاما، يأمل جماهيرها حين يستقبلون البطولة أن ترتفع الكأس عاليا بين يدي نجم لم يقدم مع بلاده ما يفعله مع ناديه اسمه ليونيل ميسي.
تملك الأرجنتين منتخبا مستعدا لإنهاء حالة الجفاء التي جمعت بين راقصي التانجو وكوبا أمريكا منذ نسخة 1993 في الإكوادور، مثلما أكد العديد من لاعبي الفريق فضلا عن مدربهم سرخيو باتيستا.
وتعد الأرجنتين، التي ودعت كأس العالم بجنوب أفريقيا العام الماضي من دور الثمانية تحت قيادة الأسطورة دييجو أرماندو مارادونا مدربا، خططا طموحة للغاية، بالنظر إلى ما يضمه فريقها من عناصر مثل ليونيل ميسي وأنخل دي ماريا وخابيير ماسكيرانو وكارلوس تيفيز وسرخيو أجويرو وجونزالو إيجواين ودييجو ميليتو واستيبان كامبياسو، هذا على سبيل المثال لا الحصر.
ويرغب باتيستا في أن يكون ميسي، أفضل لاعبي العالم في العامين الماضيين، هو محور أداء الفريق، والبوصلة التي تقود الآخرين من أجل الوصول بأسرع صورة إلى مرمى المنافسين، بغرض انتزاع اللقب القاري من راقصي السامبا البرازيليين الذين استأثروا به أربع مرات خلال آخر خمس نسخ للبطولة، اعتبارا من عام 1997.
بدوره يقول ميسي، الذي بات يلعب بأريحية أكبر مقارنة بما كان عليه الوضع في عهد مدربيه السابقين في المنتخب خوسيه بيكرمان وألفيو باسيلي ومارادونا حيث بات يشارك كرأس حربة صريح، إنه يحلم بإحراز لقب لبلاده، وأمام جماهيره، بفريق يدرك أن البطولة المقبلة ستكون نقطة الانطلاق التي تقود إلى مونديال البرازيل عام 2014.
ويؤكد باتيستا أن على فريقه "تقديم كرة جيدة"، وألا يهدر وقته في "لمسات لا تفيد"، مشددا على أنه يفضل "الكرة السريعة دون رعونة". أي الاعتماد على ست أو سبع لمسات للكرة، مثلما كان جوهر الكرة الأرجنتينية لفترة طويلة، وهو ما أتى ثماره كثيرا على مدار تاريخها.
كما يحاول المدير الفني تقديم أداء يتفوق على المستوى الحالي للأندية المحلية، حيث يشير إلى أن "الكرة الأرجنتينية لا تمر بحالة جيدة" بسبب "الخوف من الهزيمة"، معتبرا ذلك السبب الرئيسي في أزمتها الحالية.
ولم يدخر باتيستا مديحا لبرشلونة، ولمنتخب إسبانيا بطل مونديال جنوب أفريقيا، لكنه نوه بأن طريقة أداء هذين الفريقين "هي التي ميزت الأرجنتينيين" في أزمنة ماضية.
وتبدو صورة الإخفاق الأرجنتيني على مدار عقدين منعكسة في أكثر لاعبي البلاد ارتداء للقميص الوطني: خابيير زانيتي (140 مباراة دولية)، الذي يدافع دوما عن ألوان الفريق دون أن يتمكن قط من الاحتفال بأي لقب رسمي معه، بعد أن شارك في أربع بطولات لكوبا أمريكا (1995 و1999 و2004 و2007) ومونديالين (1998 و2002) وبطولة لكأس القارات (2005).
أي أن ميسي يبحث عن أول لقب له مع المنتخب في سن الثالثة والعشرين، فيما يأمل زانيتي وهو على حافة الثامنة والثلاثين في ختام مشرف يستحقه مشواره المتميز، بعد أن حقق 15 لقبا مع ناديه إنتر ميلان الإيطالي.
وتعد الأرجنتين وأوروجواي، بأربعة عشر لقبا لكل منهما، أكثر المنتخبات نجاحا في تاريخ كوبا أمريكا، ويزيد تاريخ البلدين تألقا مع كونهما حاصلين أيضا على الذهبية الأوليمبية وكأس العالم، بواقع مرتين في كل منافسة لكل فريق.
كما يبدو تألق الأرجنتين تاريخيا في كوبا أمريكا منعكسا في لاعبها نوربرتو مينديز "توتشو"، كأكبر هدافي البطولة مناصفة مع البرازيلي زيزينيو (17 هدفا لكل)، فضلا عن نجوم تألقوا في عصور مختلفة مثل مانويل فيريرا "نولو" وأنطونيو ساستري وفيسنتي دي لاماتا ورينالدو مارتينو ورينيه بونتوني.
كما تألق على ملاعب البطولة القارية ألفريدو دي ستيفانو وإنريكي عمر سيفوري وأدولفو بيدرنيرا وأومبرتو ماسكيو وجابرييل باتيستوتا، الهداف الأول في تاريخ منتخب التانجو، لكن الأرجنتين لم تتمكن من حصد البطولة مع مارادونا، الذي شارك في نسخة 1979 عندما كان يلعب لأرخنتينوس جونيورز، ثم في عامي 1987 و1989 عندما كان يتألق بقميص نابولي الإيطالي.
ويعني ذلك أن اللقب القاري قد يكون عاملا رئيسيا في المقارنة بين ميسي ومارادونا، التي باتت مطروحة لنقاش مفتوح في الأرجنتين منذ ظهور نجم برشلونة.
ويمكن لميسي أن يحرز لقبا لم ينله الأسطورة المعتزل في كوبا أمريكا، بينما لا يزال يحلم بلقب في كأس العالم، كالذي حققه راقصو التانجو من إخراج وبطولة مارادونا في المكسيك عام 1986 ، الذي كان الثاني في تاريخ البلاد بعد أن نالته على أرضها في 1978.